منهج ذوى النظر
تأ ليف
محمد محفوظ بن عبد الله الترمسى
االمتوفى سنة 1919 م
شرح منظومة علم الأثر
للحافظ جلال الدين عبد الرحمان السيوطى
االمتوفى سنة 911 ه
القطعة الأولى
من المخطوطة فى معهد المسرع ، السنجور ، الجاوى الغربية
1431 ه ----- 2010 م
نَضَّرَ اللهُ اِمْرَأً سَمِعَ مَقَا لَتِى فَوَعَاهَا كَمَا سَمِعَهَا
[ حديث شريف ]
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي خص هذه الأمة با لأسا نيد ، و أشهد أن لا اله الا الله المبدىء المعيد ، و أن سيدنا محمدا عبده ورسوله شهادة ترفع مؤديها مراتب أولى التمجيد ، صلى الله تعا لى وسلم عليه وعلى أّله الموصولين بالشرف المزيد،وعلى اصحابه الذين بذلوانفوسهم فى تبليغ الأحاديث وقمع انتخا ل المبطل العنيد ,وعلى التابعين لهم فى حفظ الا ثار و التا ييد.
اما بعد : فيقول احقر الورى , و اذل من ام القرى , محمد محفوظ بن عبد الله الترمسي , عامله الله بلطفه الجلي والخفي ,هذا تعليق يخف حمله ,و يعم ان شاء الله نفعه على (ألفية المصطلح " للحافظ الجلال السيوطي ") رحمه المولى المعطى , عملته تذكرة لى وللقاصرين مثلى , وجعلت جل مواده ومأخذه (مقدمة ابن الصلاح و شرح النخبة , وتدريب : فى شرح التقريب ) وهو العمدة فيها بيد أنه من مؤ لفات صاحب الابيات , وهو أدرى بما فيها ولا سيما مع ذكره انه جعل شرحا التقريب خصوصا, ثم لمقدمة ابن الصلاح ولسائر كتب الفن عموما . وسميته :
منهج ذوى النظر : فى شرح منظومة علم الاثر
واسال الله الكريم , بجاح النبي الرؤف الرحيم , أن يوفقني لا تمامه مع الصواب , وأن يجعله خالصا لوجهه , ونافعا لاولى الالباب , أمين .
سندي فى الاجازة
وقد اتصلت الى رواية هذه المنظومة من عموم إجازة شيخنا العلامة : السيد ابى بكر بن محمد شطا المكى, عن العلامة : السيد أحمد زينى دحلان . عن الشيخ عثمان بن حسن الدمياطى , عن الشيخ عبد الله بن حجازى الشرقاوى, عن الشمس محمد بن سالم الحفنى. (ح) ومن إجازة شيخنا : السيد محمد أمين بن أحمد المدنى, عن الشيخ عبد الحميد الشروانى, عن الشيخ إبراهيم البيجورى, عن الشيخ الشرقاوى, عن الحفنى, عن محمد بن محمد البديرى, عن على بن على الشبرالسى, عن علي الحلبى, عن النور الزيادى, عن السيد يو سف الارميونى عن المؤ لف.
بسم الله الرحمن الرحيم |
| ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
| 1- | للهِ حَمْـدِى وإلَـيهِ أَسْتَـنِـدْ | | وما يَنوبُ فَعَلَيْـهِ أَعْـتَمِـدْ | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
| 2- | ثمَّ على نَـبِـيِّـهِ مُحَـمَّـدِ | | خَيْـرُ صَلاةٍ وسَلامٍ سَرْمَـدِ | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
قال رحمه الله تعالى ( بسم الله الرحمن الرحيم ) أى بسم المعبود الواجب الوجود ، المستحق ، لجميع الكمالات لذاته ، أصنف هذه المنظومة إجمالا ، و أؤلف بين كل نوع تفصيلا (( سأل عثمان بن عفان رضى الله عنه النبى صلى الله عليه وسلم عن بسم الله الرحمن الرحيم فقال : هو اسم من أسماء الله وبينه وبين اسم الله الأكبرالاكما بين سواد العين وبياضها من القرب)) رواه الحاكم : و قال صحيح الإسناد ، و اسند ابن أبى حاتم عن جابر بن زيد أنه قال (( الله هو الإسم الأعظم )) وروى ابن جريرالطبرى عن ابن عباس بسند ضعيف أنه قال ((الله ذوالألوهية والعبودية على خلقه اجمعين ، والرحمن الفعلان من الرحمة ، والرحيم :الرفيق بمن أحب أن يرحمه الخ )) وعن العرزمى قال :الرحمن بجميع الخلق الرحيم بالمؤمنين ، وبذلك كله يعلم مناسبة جمع الثلاثة فى البسملة.وفى الإقتصارعلى الرحمن والرحيم، إشارة إلى أن رحمته عزوجل سبقت غضبه ثم لما شاهد المصنف المنعم الحقيقى ورأى فى ضمن الوصفين عموم الانعام الدنيوى والاخرى أردف البسملة بالحمدلة فقال : ( لله ) تبارك وتعالى لا لغيره ( حمدي ) الذى هو لغة . الوصف بالجميل , وعرفا , فعل ينبئ عن تعظيم المنعم لانعامه , روى احمد وغير خبره (( إن ربك يحب الحمد )) والديلمي وغيره خبر (( الحمد رأس الشكر ماشكر الله عبد لايحمده )) وعن ابن عباس (( الحمد لله كلمة الشكر فإذا قال العبد . الحمد لله , قال شكرنى عبدى )) وفى صحيح مسلم (( الحمد لله تملأ الميزان )) وتقديم لله لإفادة زيادة الإختصاص والحصر. ثم لما كان من عادة البلغاء تحسين ما يكسب الكلام رونقا وطلاوة ولاسيما الابتداء , اتى فيه براعة الاستهلال مع الإشارة إلى أن تيسير هذاالمنظومة التى هى نعمة أى نعمة من صدق اعتماده واستناده وتوكله على الله تعالى فى جميع اموره , فقال ( واليه ) لاالى غيره ( أستند ) فى اتمامها فإنه لايخيب من إستند إليه ( وماينوبنى ) . اى يصيبنى ( فعليه ) وحده ( أعتمد ) فإنه لاترد من إعتمد عليه , والاستناد والاعتماد يصح كماقاله المحقق ابن حجر أن يدعى ترادفهما وأن الثانى أخص , وإليه يومئ صنيع المصنف .( ثم ) للترتيب الذكرى والرتبى ( على نبيئه ) بالهمزة وتركه لغتان فصيحتان , وبهما قرئ فى السبعة من النبأ بمعنى الخير أو من النبوة بمعنى الرفعة وأما خبر الحاكم عن ابى ذر رضى الله تعالى عنه قال (( جاء أعرابى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يانبىء الله فقال : لست بنبىء الله و لكنى نبى الله )) فقال الحافظ الذهبى إنه خبر منكر ، و حمران أجد رواته رافضى ليس بثقة انتهى . سيدنا (مُحَـمَّـدِ) و آله و صحبه (خَيْـرُ) أى أفضل (صَلاةٍ) أى رحمة مقرونة بالتعظيم (و) خير (سَلامٍ) أى تسليم من الآفات المناقيات لغاية الكمالات (سَرْمَـدِ) أى دائم من السرد ، و هو المتابعة ، و الميم مزيدة كميم دلامص ، و علم مما . |
| ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
| 3- | وهـذهِ أَلْفيَّـةٌ تَحكِى الـدُّرَرْ | | منظومةٌ ضَمَّنْتُها عِلْمَ الأَثَـرْ | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
| 4- | فائِقـةً أَلْفـيَّـةَ(3 الـعِرَاقِـي | | فِي الجَمْعِ والإِيجازِ وَاْتِّسَـاقِ | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
قررناه أن خير أفعل التفضيل أصله أخير (1) حذفت الهمزة ونقلت فتحة الياء إلى الخاء تخفيفا لكثرة الاستعمال (2) ومثله شر أصله أشر . قال فى الكافية الشافية : وغالبا أغناهم خير وشر ( ) عن قولهم أخير منه وأشر وأتى بالصلاة عليه صلى الله تعالى عليه وسلم لخبر (( من صلى على فى كتاب لم تزل الملائكة تصلى عليه مادام إسمى فى ذلك الكتاب )) رواه الطبرانى وغيره وفى رواية ضعيفة من حديث الحمدلة (( كل أمر ذى بال لايبدأ فيه بحمدالله والصلاة على فهو أبتر ممحوق من كل بركة )) وبالسلام أيضا فرارا من كراهة الإفراد كمانقلها النووى عن العلماء ( و ) بعد ف ( هذه ) المعانى الحاضرة ذهنا تقدمت الخطبة أم تأخرت : أرجوزة ( الفية ) منسوبة الى الالف المفرد فيكون مجموع الشطرين بيتا وهو المتعارف ( تحكى ) أى تشابه ( الدرر ) فى النفاسة وعزة الوجود ورفعة القيمة جمع ذرة و هى الجوهرة العظيمة و قوله (منظومةٌ) بالرفع نعت لألفية أو بالنصب حال من ضمير تحكى (ضَمَّنْتُها عِلْمَ الأَثَـرْ (( 3 )) الأتى تعريفه : أى مسائله و التضمين جعل شىء فى الضمن آخر و هو هنا من باب جعل المدلول فى ضمن الدال أو من باب جعل الجزء فى الكل حال كونـها (فائِقـةً أَلْفـيَّـةَ) العلامة الإمام الأثرى الهمام الحافظ زين الدين أبى الفضل عبد الرحيم ابن حسين (الـعِرَاقِـي) المتوفى سنة 805 رحمه الله تعالى (فِي الجَمْعِ) للأنواع و المبانى (والإِيجازِ) للألفاظ مع كثرة المعانى (وَاْتِّسَـاقِ) أى اجتماع بعضها مع بعض على وجه مناسب و إنما لم يفعل العراقى كذلك مسايرة لأصله فإن ابن الصلاح لما ولى تدريس الحديث بالمدرسة الأشرفية عمل كتابه و هذب فنونه و أملاه شيئا فشيئا و اعتنى بتصانيف الخطيب المفرقة و جمع شتات مقاصدها و ضم إليها من غيرها نخب فوائد و لم يحصل ترتيبه على الوضع المناسب بأن يذكر ما يتعلق بالمتن وحده . ــــــــــــــــ (1) قوله : أصله أخير ، و إنما لم تخذف الهمزة فى فعلى التعجب منهما نحو ما أخير زيدا و أشرر بعمرو لأن إستعمال هذين اللفظين إسما أكثر من إستعمالهما فعلا فخذفت الهمزه فى موضع الكثرة و بقيت على أصله فى موضع القلة ، كتبه الشارح عفا الله عنه . (2) قوله : لكثرة الاستعمال , وقد استعمل على الاصل , ومنه حديث البخارى : (( إن من أخياركم أحسنكم أخلاقا . (3) قوله : علم الاثر الآتى الخ : أى علم مصطلح الحديث , وفيه عدة مصنفات مابين كبير وصغير , وذكر ألحافظ إبن حجر أن أول من صنف فى ذلك القاضى ابامحمد : اى الحسن بن عبدالرحمن بن خلاد الزامهرمزى صنف فيه (( المحدث الفاصل بين الراوى والواعى )) لكنه لم يستوعب , والحاكم ابا عبدالله لكنه لم يهذب ولم يرتب , وكذلك ابونعيم عمل على كتابه مستخرجا وابقى أشياء للمعقب , ثم جاء الخطيب البغدادى فصنف فى ذلك كتبا كثيرة فإنه قل فن من فنون الحديث إلاوصنف فيه جزءا مفردا , وللقاضى العياض المالكى الإلماع , وللميانجى جزءمالايسع المحدث جهله وغيرذلك الى ان جاء أبو عمرى بن صلاح فألف كتابه المشهور , واعتنى بمصنفات الخطيب , واخذنخب فوائدها فاجتمع فيه مالايجتمع فى غيره , وهو الذى عكف العلماء بعده وساروا بسيره ونظمه جماعة من الحفاظ منهم العراقى فرحم الله الجميع و كتبه الشارح عفاالله عنه . (3) خ : فائقة بالرفع عطف على الفية |
| ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
| 5- | واللهُ يُجْرِيْ سابِغَ الإِحْسـان | | لِيْ وَلَـهُ ولِـذَوِيْ الإِيْمَـانِ | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
حد الحديث ، وأقسامه وما يتعلق باسندوحده , ومايشتركان معا , وما يختص بكيفية التحمل والأداء وحده , وما يختص بصفات الرواة وحده , لانه جمع متفرقات هذاالفن من كتب الفن فى ذلك الحجم اللطيف , ورأى أن تحصيله وإلقاءه إلى طلابه أهم من تأخير ذلك إلى تحصيل العناية التامة بحسن الترتيب , وقد عكف عليه الناس , فكم من ناظم له ومختصر ومستدرك عليه ومقتصر ومعارض ومنتصر , وتبعه على ذلك الترتيب جماعة كالنووى والعماد بن كثير والعراقى والبلقينى وغيره آخرون كابن جماعة والطيبى والتبريزى والزركشى والمصنف , ولهم فيماعملوا مقاصدحسان . ( والله ) عز وجل ( يجرى ) من الإجراء بالراء المهملة , أو من الجزاء بالزاى فضلا منه ( سابغ الإحسان ) من إضافة الصفة ألى الموصوف , أى الإحسان السابغ , أى التام , وهو الجنة , فعن أنس بن مالك قال (( قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم (( هل جزاء الإحسان إلاالإحسان)) ثم قال : أتدرون ماقال ربكم ؟ قالوا الله ورسوله أعلم , قال هل جزاء من أنعمت عليه بالتوحيد إلا الجنة )) ( لى وله ) أى للحافظ العراقى ( ول)هؤلاء العلماء الأعيان وغيرهم من ( ذوى ) أى أصحاب ( الايمان ) اى التصديق . الجازم بكل ما مجيئه صلى الله عليه وسلم به بالضرورة إجمالا فى الإجمالى وتفصيلا فى التفصيلى فذوى جمع ذى بمعنى صاحب إلا أن الأول يقتضى تعظيم المضاف إليها والموصوف بها بخلاف الثانى ومن ثم قال تعالى فى معرض مدح يونوس (( وذاالنون )) والنهى عن اتباعه كصاحب الحوت إذ النون لكونه جعل فاتحة سورة أفخم وأشرف من لفظ الحوت , والجملة إنشائية أوردها بصورة الخبر , لأنه ابلغ فى رجاء الإجابة حتى كأن ذلك واقع بالفعل , وبدأ بنفسه لخبر أبى داود (( كان صلى الله عليه وسلم إذا دعا بدأ بنفسه )) وقال عز وجل عن موسى (( رب اغفرلى ولأخى )) . وعمم لثنائه تعالى على فاعليه بقوله (( والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنااغفرلنا ولإخواننا )) وقوله عن نوح (( رب اغفرلى ولوالدى ولمن دخل بيتى مؤمنا وللمؤمنين وللمؤمنات )) آمين . حد الحديث ومايتبعه وأقسامه قدمه(1) لأن حق من طلب علما أى علم كان أن يتصور ولو بوجه ما وحدته الجامعة لكثرته والموجبة لمعرفة مستمده وموضوعه وغايته لئلا يضل سعيه , فإنه لواندفع إلى الطلب قبل ذلك لم يأمن ( 1) قوله قدمه : أى الحد , وهو عند الأصوليين ما يميز الشيئ عما سواه كالمعرف عند المناطقة , ولا يميز كذلك إلا ما لايخرج عنه شيئ من أفراد المحدود , ولا يدخل فيه شيء من غيرها , والأول المفهوم الحد لأنه بالذاتيات , والثانى مبين لخاصته لكونه بالعرضيات , وهذا معنى قولهم : الحد الجامع المانع , ويقال : المطرد المنعكس , وهذا فى الحقيقة يتضمن أربع قضايا : كلما وجد الحد وجد المحدود , وكلما إنتفى المحدود إنتفى الحد , والثانية لازمة للاولى لأنها عكس نقيضها فأغنت الأولى عنها , و كلما انتفى الحد انتفى المحدود ، و كلما وجد المحدود وجد الحد ، و الرابعة لازمة للثالثة لأنها عكس نقيضها كما أن الثانية لازمة للأولى فصارت الأولى و الثالثة شرطيتين لابد منهما تأمل ، كتبه الشارح عفاه الله عنه . |
| ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
| 6- | عِلمُ الحديثِ : ذُو قوانِينْ تُحَدْ | | يُدْرَى بِها أَحْوَالْ مَتْنٍ وَسَنَـدْ | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
| 7- | فَذَانِكَ الموضوعُ ، والمقصودُ | | أَنْ يُعرَفَ المقبُولُ والمَـردُودُ | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
| 8- | والسندُ : اْلإِخْبارُ عنْ طَرِيقِ | | مَتْنٍ كَـاْلاِسْنادِ لَـدَى الفَرِيـقِ(2 | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
| 9- | وَالْمَتْنُ : ما انْتَهَى اِلَيْهِ السَّنَدُ | | مِنَ الْكَلامِ ، والحديثُ قَيَّـدُوا | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
| فواته ما يرجيه و ضياع الوقت فيما لايعنيه . فـ(عِلمُ الحديثِ) دراية كما هو المراد عند الإطلاق على صرح به شيخ الإسلام . قال الأمير : لعل هذا فى الماضى و إلا فالآن لايطلق عليه إلا مقيدا بالمصطلح : علم (ذُو قوانِينْ تُحَدْ) أى مضبوطة ، جمع قانون بمعنى قاعدة ، و هو حكم كلى ينطبق على جميع جزئياته ليتعرف أحكامها منه (يُدْرَى بِها) أى يعرف بتلك القوانين (أَحْوَالْ مَتْنٍ وَ) أحوال (سَنَـدْ) من صحة و حسن و ضعف و رفع و وقف و وقف و علو و نزول و كيفية التحمل و الأداء و صفات الرجال و غير ذلك (فَذَانِكَ) المتن و السند ، أى كل منهما هو (الموضوعُ) أى موضوع علم الحديث (و) أما (المقصودُ) منه أى فائدته فـ(أَنْ يُعرَفَ) الحديث (المقبُولُ) فيعمل به (و) يعرف (المَـردُودُ) فلا يعمل به ، لأنه إما أن يوجد فيه أصل صفة القبول ، و هو ثبوت صدق الناقل أو أصل صفة الرد و هو ثبوت كذب الناقل ، أو لا . فالأول يغلب على الظن ثبوت صدق الخبر لثبوت صدق ناقله فيؤخذ به . و الثانى يغلب على الظن ثبوت كذب الخبر لثبوت كذب ناقله فيطرح . و الثالث إن وجدت قرينة تلحقه بأحد القسمين التحق و إلا فيتوقف فيه ، و إذا توقف عن العمل به صار كالمردود لا لثبوت صفة الرد ، بل لكونه لم يوجد فيه صفة توجب القبول ، أفاده فى نزهة النظر فتأمل (والسندُ) هو (اْلإِخْبارُ) بكسر الهمزة مصدرا (عنْ طَرِيقِ مَتْنٍ) أخذا من السند ، ما ارتفع و علا من سفح الجبل ، لأن المسند بكسر النون يرفعه إلى قائله ، أو فلان سند : أى معتمد ، فسمى الإخبار عن ذلك سندا لإعتماد الحفاظ فى صحة الحديث و ضعفه عليه ، و الإسناد رفع الحديث إلى قائله فهما متقاربان فى معنى الإعتماد المذكور ، و قال بعضهم إنهما شىء واحد ، و هذا معنى قوله (كَـاْلاِسْنادِ) بكسر الهمزة (لَـدَى) أى عند (الفَرِيـقِ) من المحدثين . ذكره ابن جماعة . و المسند بفتح النون يطلق على الحديث المرفوع المتصل الآتى ، و على الكتاب الذى جمع فيه ما أسنده الصحابة : أى رووه ، فهو اسم مفعول ، أو على الإسناد فيكون مصدرا كمسند الشهاب و مسند الفردوس : أى أسانيد احاديثهما (وَ) أما (الْمَتْنُ) بفتح الميم اسم فهو (ما انْتَهَى(1) اِلَيْهِ السَّنَدُ) أى غايته (مِنَ الْكَلامِ) المنقول ، من المماتنة ، وهى المباعدة فى الغاية ، لأنه غاية السند ، أو من متنت الكبش إذا شققت جلدة بيضته و استخرجتها ، فكأن المسند : أى الراوى (1) قوله : ماانتهى الخ ، المراد به الجانب الذى وقع فيه متن الحديث ، وإلا فماانتهى إليه الإسناد قد يصدق على جانب المخرج إليه و لذا بينه بقوله من الكلام : أى سواء كلامه صلى الله تعالى عليه وسلم أو الصحابى أو من بعده ، و يدخل فيه فعله صلى الله تعالى عليه وسلم و تقريره لأنهما وإن لم يكونا قوله صلى الله تعالى عليه وسلم لكنهما قول الصحابى أومن بعده . واختلف فى متن الحديث أ هو قول الصحابى عنه صلى الله تعالى عليه وسلم كذا و كذا ، أو هو مقوله صلى الله تعالى عليه وسلم فقط ؟ و الظاهر الأول لما تقرر أن السنة : إما قول أو فعل و تقرير أفاده فى لفظ الدور . كتبه الشارح عفا الله عنه آمين (2) و فى النسجة التى كتبها جرارد الحنفى الناصرى تلميذ الشيخ أحمد شاكر فريق بلا الف ولام (3) خ : بالنصب مفعول مقدم | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
| 10- | بِما أضيفَ لِلنَّبِـيِّ قَـوْلاً أوْ | | فِعْلاً وَتَقْرِيراً وَنَحْوَهَا حَكَـوْا | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
| 11- | وَقِيلَ : لا يَخْتَصُّ بِالمَرْفُـوعِ | | بَلْ جَاءَ لِلمَوْقُوفِ وَالمَقْطُـوعِ | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
| 12- | فَهْوَ عَلَى هَذَا مُرادِفُ الْخَبَـرْ | | وَشَهَّرُوا رَدْفَ الْحَدِيْثِ وَ الأَثَـرْ | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
| 13- | وَالأَكْثَرُونَ قَسَّمُوا هَذِيْ السُّنَنْ | | إِلَى صَحِيحٍ وَضَعِيفٍ وَحَسَنْ | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
إستخرج المتن بسنده ، أو من المتن بضم الميم م صلب وارتفع من الأرض ، لأن المسند يقوّى الحديث بالسند ويرفعه إلى قائله ، أو من تمتن القوس : شدها بالعصب ، لأن المسند يقوّيه ويشده بالسند (و) أما (الحديثُ) فهو لغة ضد القديم ، ويستعمل فى قليل الخبر : أى الكلام وكثيرة لحدوثه شيأ فشيأ ، واصطلاحا قد (قَيَّـدُوا) أى عرفه جمهور العلماء (بِـ)أنه (ما أضيفَ لِلنَّبِـيِّ) صلى الله تعالى عليه وسلم . قال فى الفتح : كأنه أريد به مقابلة القرآن ، لأنه قديم سواء كان (قَـوْلاً) كقوله صلى الله تعالى عليه وسلم (( إنما الأعمال بالنيات . من حسن إسلام المرء تركه ما لايعنيه )) (أوْ فِعْلاً) كصلاته صلى الله تعالى عليه وسلم على الراحلة حيث توجهت به أ(وَتَقْرِيراً) كتقريره خالد بن الوليد فى أكله الضب عنده ، أ(وَنَحْوَهَا) كأوصافه ككونه أبيض ليس بالطويل ولا بالقصير ، وكونه لا يواجه أحد بمكروه هكذا (حَكَـوْا)ه ، ومن النحو همه صلى الله تعالى عليه وسلم كهمه تنكيس الرداء فى الاستسقاء و دخول مكة من الحديـبـية و معاقبة المتخلفين عن الجماعة بالاخراق (وَقِيلَ) نقله فى النـزهة عن علماء هذا الفن أن الحديث (لا يَخْتَصُّ بِالمَرْفُـوعِ) إليه صلى الله تعالى عليه وسلم (بَلْ جَاءَ) إطلاقه أيضا (لِلمَوْقُوفِ) وهو ما أضيف إلى الصحابى من قول و نحوه (وَالمَقْطُـوعِ) وهو ما أضيف إلى التابعى كذلك (فَهْوَ) أى الحديث (عَلَى هَذَا) القول (مُرادِفُ الْخَبَـرْ) وقيل الحديث ما جاء عن النبى صلى الله تعالى عليه وسلم ، و الخبر ما جاء عن غيره ، و من ثمة قيل لمن يشتغل بالتواريخ و ما شاكلها الإختبارى(1) ، و لمن يشتغل بالسنة النبوية المحدّث ؛ وقيل بينما عموم و خصوص مطلق ، فكل حديث خبر من غير عكس (وَ َشَهَّرُوا أى العلماء (رَدْفَ) أى ترادف (الْحَدِيْثِ) و الخبر (وَ الأَثَـرْ) هذا كما قاله النووى هو المذهب المختار الذى قاله المحدثون و غيرهم من السلف وبعض الخلف ، وقيل الخبر ما يروى عنه صلى الله تعالى عليه وسلم ، و الأثر عن الصحابة ؛ قيل و التابعين و من بعدهم . و قيل الأثر أعم من الحديث والخبر . قال بعضهم : وهو الأظهر ، هذا وما ذكره فى هذه الأبيات السبعة من زياداته على ألفية العراقى . ثم بين أقسام الحديث ، فقال : (وَالأَكْثَرُونَ) من المحدثين (قَسَّمُوا هَذِيْ السُّنَنْ) بضم السين جمع سنة ، وهى لغة : الطريقة ، واصطلاحا : الحديث بالمعنى المتقدم ذكره ، وهو ما أضيف إليه صلى الله تعالى عليه وسلم إلخ . هذا (1) قوله الأخباري : كذا وقع التعبير به لغير واحد , ونقل المصنف عن ابن هشام أنه عده من لحن العلماء وقال الصواب الخبري : أى لأن النسبة الى الجمع ترد إلى الواحد كما تقرر فى علم التصريف لقوله فى الفرائض فرضى ونكتته ان المراد النسبة إلى هذه النوع وخصوصية الجمع ملغاة مع انها مؤدية الى النقل , قال ومن اللحن أيضا قولهم : لايؤخذ العلم صحفى بضمتين والصواب بفتحتين ثم فعل بها ما فعل بحنيفة إنتهى . لكن فى همع الهوامع مانصه وأجاز قوم أن ينسب إلى الجمع على لفظه مطلقا وخرج عليه قول الناس فرائضى وكتبى وقلانسى الخ , وبه يعلم أن جزم ابن هشام بأن ذلك من لحن العلماء ليس بذاك الحسن , كتبه الشارح غفا الله عنه آمين . |
| ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
الصحيح
|
|