Minggu, 18 Juli 2010

Muqoddimah

منهج ذوى النظر

تأ ليف

محمد محفوظ بن عبد الله الترمسى

االمتوفى سنة 1919 م

شرح منظومة علم الأثر

للحافظ جلال الدين عبد الرحمان السيوطى

االمتوفى سنة 911 ه

القطعة الأولى

من المخطوطة فى معهد المسرع ، السنجور ، الجاوى الغربية

1431 ه ----- 2010 م

نَضَّرَ اللهُ اِمْرَأً سَمِعَ مَقَا لَتِى فَوَعَاهَا كَمَا سَمِعَهَا

[ حديث شريف ]

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الذي خص هذه الأمة با لأسا نيد ، و أشهد أن لا اله الا الله المبدىء المعيد ، و أن سيدنا محمدا عبده ورسوله شهادة ترفع مؤديها مراتب أولى التمجيد ، صلى الله تعا لى وسلم عليه وعلى أّله الموصولين بالشرف المزيد،وعلى اصحابه الذين بذلوانفوسهم فى تبليغ الأحاديث وقمع انتخا ل المبطل العنيد ,وعلى التابعين لهم فى حفظ الا ثار و التا ييد.

اما بعد : فيقول احقر الورى , و اذل من ام القرى , محمد محفوظ بن عبد الله الترمسي , عامله الله بلطفه الجلي والخفي ,هذا تعليق يخف حمله ,و يعم ان شاء الله نفعه على (ألفية المصطلح " للحافظ الجلال السيوطي ") رحمه المولى المعطى , عملته تذكرة لى وللقاصرين مثلى , وجعلت جل مواده ومأخذه (مقدمة ابن الصلاح و شرح النخبة , وتدريب : فى شرح التقريب ) وهو العمدة فيها بيد أنه من مؤ لفات صاحب الابيات , وهو أدرى بما فيها ولا سيما مع ذكره انه جعل شرحا التقريب خصوصا, ثم لمقدمة ابن الصلاح ولسائر كتب الفن عموما . وسميته :

منهج ذوى النظر : فى شرح منظومة علم الاثر

واسال الله الكريم , بجاح النبي الرؤف الرحيم , أن يوفقني لا تمامه مع الصواب , وأن يجعله خالصا لوجهه , ونافعا لاولى الالباب , أمين .

سندي فى الاجازة

وقد اتصلت الى رواية هذه المنظومة من عموم إجازة شيخنا العلامة : السيد ابى بكر بن محمد شطا المكى, عن العلامة : السيد أحمد زينى دحلان . عن الشيخ عثمان بن حسن الدمياطى , عن الشيخ عبد الله بن حجازى الشرقاوى, عن الشمس محمد بن سالم الحفنى. (ح) ومن إجازة شيخنا : السيد محمد أمين بن أحمد المدنى, عن الشيخ عبد الحميد الشروانى, عن الشيخ إبراهيم البيجورى, عن الشيخ الشرقاوى, عن الحفنى, عن محمد بن محمد البديرى, عن على بن على الشبرالسى, عن علي الحلبى, عن النور الزيادى, عن السيد يو سف الارميونى عن المؤ لف.

بسم الله الرحمن الرحيم

1-

للهِ حَمْـدِى وإلَـيهِ أَسْتَـنِـدْ

وما يَنوبُ فَعَلَيْـهِ أَعْـتَمِـدْ

2-

ثمَّ على نَـبِـيِّـهِ مُحَـمَّـدِ

خَيْـرُ صَلاةٍ وسَلامٍ سَرْمَـدِ

قال رحمه الله تعالى ( بسم الله الرحمن الرحيم ) أى بسم المعبود الواجب الوجود ، المستحق ، لجميع الكمالات لذاته ، أصنف هذه المنظومة إجمالا ، و أؤلف بين كل نوع تفصيلا (( سأل عثمان بن عفان رضى الله عنه النبى صلى الله عليه وسلم عن بسم الله الرحمن الرحيم فقال : هو اسم من أسماء الله وبينه وبين اسم الله الأكبرالاكما بين سواد العين وبياضها من القرب)) رواه الحاكم : و قال صحيح الإسناد ، و اسند ابن أبى حاتم عن جابر بن زيد أنه قال (( الله هو الإسم الأعظم )) وروى ابن جريرالطبرى عن ابن عباس بسند ضعيف أنه قال ((الله ذوالألوهية والعبودية على خلقه اجمعين ، والرحمن الفعلان من الرحمة ، والرحيم :الرفيق بمن أحب أن يرحمه الخ )) وعن العرزمى قال :الرحمن بجميع الخلق الرحيم بالمؤمنين ، وبذلك كله يعلم مناسبة جمع الثلاثة فى البسملة.وفى الإقتصارعلى الرحمن والرحيم، إشارة إلى أن رحمته عزوجل سبقت غضبه ثم لما شاهد المصنف المنعم الحقيقى ورأى فى ضمن الوصفين عموم الانعام الدنيوى والاخرى أردف البسملة بالحمدلة فقال : ( لله ) تبارك وتعالى لا لغيره ( حمدي ) الذى هو لغة . الوصف بالجميل , وعرفا , فعل ينبئ عن تعظيم المنعم لانعامه , روى احمد وغير خبره (( إن ربك يحب الحمد )) والديلمي وغيره خبر (( الحمد رأس الشكر ماشكر الله عبد لايحمده )) وعن ابن عباس (( الحمد لله كلمة الشكر فإذا قال العبد . الحمد لله , قال شكرنى عبدى )) وفى صحيح مسلم (( الحمد لله تملأ الميزان )) وتقديم لله لإفادة زيادة الإختصاص والحصر.

ثم لما كان من عادة البلغاء تحسين ما يكسب الكلام رونقا وطلاوة ولاسيما الابتداء , اتى فيه براعة الاستهلال مع الإشارة إلى أن تيسير هذاالمنظومة التى هى نعمة أى نعمة من صدق اعتماده واستناده وتوكله على الله تعالى فى جميع اموره , فقال ( واليه ) لاالى غيره ( أستند ) فى اتمامها فإنه لايخيب من إستند إليه ( وماينوبنى ) . اى يصيبنى ( فعليه ) وحده ( أعتمد ) فإنه لاترد من إعتمد عليه , والاستناد والاعتماد يصح كماقاله المحقق ابن حجر أن يدعى ترادفهما وأن الثانى أخص , وإليه يومئ صنيع المصنف .( ثم ) للترتيب الذكرى والرتبى ( على نبيئه ) بالهمزة وتركه لغتان فصيحتان , وبهما قرئ فى السبعة من النبأ بمعنى الخير أو من النبوة بمعنى الرفعة وأما خبر الحاكم عن ابى ذر رضى الله تعالى عنه قال (( جاء أعرابى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يانبىء الله فقال : لست بنبىء الله و لكنى نبى الله )) فقال الحافظ الذهبى إنه خبر منكر ، و حمران أجد رواته رافضى ليس بثقة انتهى . سيدنا (مُحَـمَّـدِ) و آله و صحبه (خَيْـرُ) أى أفضل (صَلاةٍ) أى رحمة مقرونة بالتعظيم (و) خير (سَلامٍ) أى تسليم من الآفات المناقيات لغاية الكمالات (سَرْمَـدِ) أى دائم من السرد ، و هو المتابعة ، و الميم مزيدة كميم دلامص ، و علم مما .

3-

وهـذهِ أَلْفيَّـةٌ تَحكِى الـدُّرَرْ

منظومةٌ ضَمَّنْتُها عِلْمَ الأَثَـرْ

4-

فائِقـةً أَلْفـيَّـةَ(3 الـعِرَاقِـي

فِي الجَمْعِ والإِيجازِ وَاْتِّسَـاقِ

قررناه أن خير أفعل التفضيل أصله أخير (1) حذفت الهمزة ونقلت فتحة الياء إلى الخاء تخفيفا لكثرة الاستعمال (2) ومثله شر أصله أشر . قال فى الكافية الشافية :

وغالبا أغناهم خير وشر ( ) عن قولهم أخير منه وأشر

وأتى بالصلاة عليه صلى الله تعالى عليه وسلم لخبر (( من صلى على فى كتاب لم تزل الملائكة تصلى عليه مادام إسمى فى ذلك الكتاب )) رواه الطبرانى وغيره وفى رواية ضعيفة من حديث الحمدلة (( كل أمر ذى بال لايبدأ فيه بحمدالله والصلاة على فهو أبتر ممحوق من كل بركة )) وبالسلام أيضا فرارا من كراهة الإفراد كمانقلها النووى عن العلماء ( و ) بعد ف ( هذه ) المعانى الحاضرة ذهنا تقدمت الخطبة أم تأخرت : أرجوزة ( الفية ) منسوبة الى الالف المفرد فيكون مجموع الشطرين بيتا وهو المتعارف ( تحكى ) أى تشابه ( الدرر ) فى النفاسة وعزة الوجود ورفعة القيمة جمع ذرة و هى الجوهرة العظيمة و قوله (منظومةٌ) بالرفع نعت لألفية أو بالنصب حال من ضمير تحكى (ضَمَّنْتُها عِلْمَ الأَثَـرْ (( 3 )) الأتى تعريفه : أى مسائله و التضمين جعل شىء فى الضمن آخر و هو هنا من باب جعل المدلول فى ضمن الدال أو من باب جعل الجزء فى الكل حال كونـها (فائِقـةً أَلْفـيَّـةَ) العلامة الإمام الأثرى الهمام الحافظ زين الدين أبى الفضل عبد الرحيم ابن حسين (الـعِرَاقِـي) المتوفى سنة 805 رحمه الله تعالى (فِي الجَمْعِ) للأنواع و المبانى (والإِيجازِ) للألفاظ مع كثرة المعانى (وَاْتِّسَـاقِ) أى اجتماع بعضها مع بعض على وجه مناسب و إنما لم يفعل العراقى كذلك مسايرة لأصله فإن ابن الصلاح لما ولى تدريس الحديث بالمدرسة الأشرفية عمل كتابه و هذب فنونه و أملاه شيئا فشيئا و اعتنى بتصانيف الخطيب المفرقة و جمع شتات مقاصدها و ضم إليها من غيرها نخب فوائد و لم يحصل ترتيبه على الوضع المناسب بأن يذكر ما يتعلق بالمتن وحده .

ــــــــــــــــ

(1) قوله : أصله أخير ، و إنما لم تخذف الهمزة فى فعلى التعجب منهما نحو ما أخير زيدا و أشرر بعمرو لأن إستعمال هذين اللفظين إسما أكثر من إستعمالهما فعلا فخذفت الهمزه فى موضع الكثرة و بقيت على أصله فى موضع القلة ، كتبه الشارح عفا الله عنه .

(2) قوله : لكثرة الاستعمال , وقد استعمل على الاصل , ومنه حديث البخارى : (( إن من أخياركم أحسنكم أخلاقا .

(3) قوله : علم الاثر الآتى الخ : أى علم مصطلح الحديث , وفيه عدة مصنفات مابين كبير وصغير , وذكر ألحافظ إبن حجر أن أول من صنف فى ذلك القاضى ابامحمد : اى الحسن بن عبدالرحمن بن خلاد الزامهرمزى صنف فيه (( المحدث الفاصل بين الراوى والواعى )) لكنه لم يستوعب , والحاكم ابا عبدالله لكنه لم يهذب ولم يرتب , وكذلك ابونعيم عمل على كتابه مستخرجا وابقى أشياء للمعقب , ثم جاء الخطيب البغدادى فصنف فى ذلك كتبا كثيرة فإنه قل فن من فنون الحديث إلاوصنف فيه جزءا مفردا , وللقاضى العياض المالكى الإلماع , وللميانجى جزءمالايسع المحدث جهله وغيرذلك الى ان جاء أبو عمرى بن صلاح فألف كتابه المشهور , واعتنى بمصنفات الخطيب , واخذنخب فوائدها فاجتمع فيه مالايجتمع فى غيره , وهو الذى عكف العلماء بعده وساروا بسيره ونظمه جماعة من الحفاظ منهم العراقى فرحم الله الجميع و كتبه الشارح عفاالله عنه .

(3) خ : فائقة بالرفع عطف على الفية

5-

واللهُ يُجْرِيْ سابِغَ الإِحْسـان

لِيْ وَلَـهُ ولِـذَوِيْ الإِيْمَـانِ

حد الحديث ، وأقسامه

وما يتعلق باسندوحده , ومايشتركان معا , وما يختص بكيفية التحمل والأداء وحده , وما يختص بصفات الرواة وحده , لانه جمع متفرقات هذاالفن من كتب الفن فى ذلك الحجم اللطيف , ورأى أن تحصيله وإلقاءه إلى طلابه أهم من تأخير ذلك إلى تحصيل العناية التامة بحسن الترتيب , وقد عكف عليه الناس , فكم من ناظم له ومختصر ومستدرك عليه ومقتصر ومعارض ومنتصر , وتبعه على ذلك الترتيب جماعة كالنووى والعماد بن كثير والعراقى والبلقينى وغيره آخرون كابن جماعة والطيبى والتبريزى والزركشى والمصنف , ولهم فيماعملوا مقاصدحسان . ( والله ) عز وجل ( يجرى ) من الإجراء بالراء المهملة , أو من الجزاء بالزاى فضلا منه ( سابغ الإحسان ) من إضافة الصفة ألى الموصوف , أى الإحسان السابغ , أى التام , وهو الجنة , فعن أنس بن مالك قال (( قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم (( هل جزاء الإحسان إلاالإحسان)) ثم قال : أتدرون ماقال ربكم ؟ قالوا الله ورسوله أعلم , قال هل جزاء من أنعمت عليه بالتوحيد إلا الجنة )) ( لى وله ) أى للحافظ العراقى ( ول)هؤلاء العلماء الأعيان وغيرهم من ( ذوى ) أى أصحاب ( الايمان ) اى التصديق . الجازم بكل ما مجيئه صلى الله عليه وسلم به بالضرورة إجمالا فى الإجمالى وتفصيلا فى التفصيلى فذوى جمع ذى بمعنى صاحب إلا أن الأول يقتضى تعظيم المضاف إليها والموصوف بها بخلاف الثانى ومن ثم قال تعالى فى معرض مدح يونوس (( وذاالنون )) والنهى عن اتباعه كصاحب الحوت إذ النون لكونه جعل فاتحة سورة أفخم وأشرف من لفظ الحوت , والجملة إنشائية أوردها بصورة الخبر , لأنه ابلغ فى رجاء الإجابة حتى كأن ذلك واقع بالفعل , وبدأ بنفسه لخبر أبى داود (( كان صلى الله عليه وسلم إذا دعا بدأ بنفسه )) وقال عز وجل عن موسى (( رب اغفرلى ولأخى )) . وعمم لثنائه تعالى على فاعليه بقوله (( والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنااغفرلنا ولإخواننا )) وقوله عن نوح (( رب اغفرلى ولوالدى ولمن دخل بيتى مؤمنا وللمؤمنين وللمؤمنات )) آمين .

حد الحديث ومايتبعه وأقسامه

قدمه(1) لأن حق من طلب علما أى علم كان أن يتصور ولو بوجه ما وحدته الجامعة لكثرته والموجبة لمعرفة مستمده وموضوعه وغايته لئلا يضل سعيه , فإنه لواندفع إلى الطلب قبل ذلك لم يأمن ( 1) قوله قدمه : أى الحد , وهو عند الأصوليين ما يميز الشيئ عما سواه كالمعرف عند المناطقة , ولا يميز كذلك إلا ما لايخرج عنه شيئ من أفراد المحدود , ولا يدخل فيه شيء من غيرها , والأول المفهوم الحد لأنه بالذاتيات , والثانى مبين لخاصته لكونه بالعرضيات , وهذا معنى قولهم : الحد الجامع المانع , ويقال : المطرد المنعكس , وهذا فى الحقيقة يتضمن أربع قضايا : كلما وجد الحد وجد المحدود , وكلما إنتفى المحدود إنتفى الحد , والثانية لازمة للاولى لأنها عكس نقيضها فأغنت الأولى عنها , و كلما انتفى الحد انتفى المحدود ، و كلما وجد المحدود وجد الحد ، و الرابعة لازمة للثالثة لأنها عكس نقيضها كما أن الثانية لازمة للأولى فصارت الأولى و الثالثة شرطيتين لابد منهما تأمل ، كتبه الشارح عفاه الله عنه .

6-

عِلمُ الحديثِ : ذُو قوانِينْ تُحَدْ

يُدْرَى بِها أَحْوَالْ مَتْنٍ وَسَنَـدْ

7-

فَذَانِكَ الموضوعُ ، والمقصودُ

أَنْ يُعرَفَ المقبُولُ والمَـردُودُ

8-

والسندُ : اْلإِخْبارُ عنْ طَرِيقِ

مَتْنٍ كَـاْلاِسْنادِ لَـدَى الفَرِيـقِ(2

9-

وَالْمَتْنُ : ما انْتَهَى اِلَيْهِ السَّنَدُ

مِنَ الْكَلامِ ، والحديثُ قَيَّـدُوا

فواته ما يرجيه و ضياع الوقت فيما لايعنيه . فـ(عِلمُ الحديثِ) دراية كما هو المراد عند الإطلاق على صرح به شيخ الإسلام . قال الأمير : لعل هذا فى الماضى و إلا فالآن لايطلق عليه إلا مقيدا بالمصطلح : علم (ذُو قوانِينْ تُحَدْ) أى مضبوطة ، جمع قانون بمعنى قاعدة ، و هو حكم كلى ينطبق على جميع جزئياته ليتعرف أحكامها منه (يُدْرَى بِها) أى يعرف بتلك القوانين (أَحْوَالْ مَتْنٍ وَ) أحوال (سَنَـدْ) من صحة و حسن و ضعف و رفع و وقف و وقف و علو و نزول و كيفية التحمل و الأداء و صفات الرجال و غير ذلك (فَذَانِكَ) المتن و السند ، أى كل منهما هو (الموضوعُ) أى موضوع علم الحديث (و) أما (المقصودُ) منه أى فائدته فـ(أَنْ يُعرَفَ) الحديث (المقبُولُ) فيعمل به (و) يعرف (المَـردُودُ) فلا يعمل به ، لأنه إما أن يوجد فيه أصل صفة القبول ، و هو ثبوت صدق الناقل أو أصل صفة الرد و هو ثبوت كذب الناقل ، أو لا . فالأول يغلب على الظن ثبوت صدق الخبر لثبوت صدق ناقله فيؤخذ به . و الثانى يغلب على الظن ثبوت كذب الخبر لثبوت كذب ناقله فيطرح . و الثالث إن وجدت قرينة تلحقه بأحد القسمين التحق و إلا فيتوقف فيه ، و إذا توقف عن العمل به صار كالمردود لا لثبوت صفة الرد ، بل لكونه لم يوجد فيه صفة توجب القبول ، أفاده فى نزهة النظر فتأمل (والسندُ) هو (اْلإِخْبارُ) بكسر الهمزة مصدرا (عنْ طَرِيقِ مَتْنٍ) أخذا من السند ، ما ارتفع و علا من سفح الجبل ، لأن المسند بكسر النون يرفعه إلى قائله ، أو فلان سند : أى معتمد ، فسمى الإخبار عن ذلك سندا لإعتماد الحفاظ فى صحة الحديث و ضعفه عليه ، و الإسناد رفع الحديث إلى قائله فهما متقاربان فى معنى الإعتماد المذكور ، و قال بعضهم إنهما شىء واحد ، و هذا معنى قوله (كَـاْلاِسْنادِ) بكسر الهمزة (لَـدَى) أى عند (الفَرِيـقِ) من المحدثين . ذكره ابن جماعة . و المسند بفتح النون يطلق على الحديث المرفوع المتصل الآتى ، و على الكتاب الذى جمع فيه ما أسنده الصحابة : أى رووه ، فهو اسم مفعول ، أو على الإسناد فيكون مصدرا كمسند الشهاب و مسند الفردوس : أى أسانيد احاديثهما (وَ) أما (الْمَتْنُ) بفتح الميم اسم فهو (ما انْتَهَى(1) اِلَيْهِ السَّنَدُ) أى غايته (مِنَ الْكَلامِ) المنقول ، من المماتنة ، وهى المباعدة فى الغاية ، لأنه غاية السند ، أو من متنت الكبش إذا شققت جلدة بيضته و استخرجتها ، فكأن المسند : أى الراوى

(1) قوله : ماانتهى الخ ، المراد به الجانب الذى وقع فيه متن الحديث ، وإلا فماانتهى إليه الإسناد قد يصدق على جانب المخرج إليه و لذا بينه بقوله من الكلام : أى سواء كلامه صلى الله تعالى عليه وسلم أو الصحابى أو من بعده ، و يدخل فيه فعله صلى الله تعالى عليه وسلم و تقريره لأنهما وإن لم يكونا قوله صلى الله تعالى عليه وسلم لكنهما قول الصحابى أومن بعده . واختلف فى متن الحديث أ هو قول الصحابى عنه صلى الله تعالى عليه وسلم كذا و كذا ، أو هو مقوله صلى الله تعالى عليه وسلم فقط ؟ و الظاهر الأول لما تقرر أن السنة : إما قول أو فعل و تقرير أفاده فى لفظ الدور . كتبه الشارح عفا الله عنه آمين

(2) و فى النسجة التى كتبها جرارد الحنفى الناصرى تلميذ الشيخ أحمد شاكر فريق بلا الف ولام

(3) خ : بالنصب مفعول مقدم

10-

بِما أضيفَ لِلنَّبِـيِّ قَـوْلاً أوْ

فِعْلاً وَتَقْرِيراً وَنَحْوَهَا حَكَـوْا

11-

وَقِيلَ : لا يَخْتَصُّ بِالمَرْفُـوعِ

بَلْ جَاءَ لِلمَوْقُوفِ وَالمَقْطُـوعِ

12-

فَهْوَ عَلَى هَذَا مُرادِفُ الْخَبَـرْ

وَشَهَّرُوا رَدْفَ الْحَدِيْثِ وَ الأَثَـرْ

13-

وَالأَكْثَرُونَ قَسَّمُوا هَذِيْ السُّنَنْ

إِلَى صَحِيحٍ وَضَعِيفٍ وَحَسَنْ

إستخرج المتن بسنده ، أو من المتن بضم الميم م صلب وارتفع من الأرض ، لأن المسند يقوّى الحديث بالسند ويرفعه إلى قائله ، أو من تمتن القوس : شدها بالعصب ، لأن المسند يقوّيه ويشده بالسند (و) أما (الحديثُ) فهو لغة ضد القديم ، ويستعمل فى قليل الخبر : أى الكلام وكثيرة لحدوثه شيأ فشيأ ، واصطلاحا قد (قَيَّـدُوا) أى عرفه جمهور العلماء (بِـ)أنه (ما أضيفَ لِلنَّبِـيِّ) صلى الله تعالى عليه وسلم . قال فى الفتح : كأنه أريد به مقابلة القرآن ، لأنه قديم سواء كان (قَـوْلاً) كقوله صلى الله تعالى عليه وسلم (( إنما الأعمال بالنيات . من حسن إسلام المرء تركه ما لايعنيه )) (أوْ فِعْلاً) كصلاته صلى الله تعالى عليه وسلم على الراحلة حيث توجهت به أ(وَتَقْرِيراً) كتقريره خالد بن الوليد فى أكله الضب عنده ، أ(وَنَحْوَهَا) كأوصافه ككونه أبيض ليس بالطويل ولا بالقصير ، وكونه لا يواجه أحد بمكروه هكذا (حَكَـوْا)ه ، ومن النحو همه صلى الله تعالى عليه وسلم كهمه تنكيس الرداء فى الاستسقاء و دخول مكة من الحديـبـية و معاقبة المتخلفين عن الجماعة بالاخراق (وَقِيلَ) نقله فى النـزهة عن علماء هذا الفن أن الحديث (لا يَخْتَصُّ بِالمَرْفُـوعِ) إليه صلى الله تعالى عليه وسلم (بَلْ جَاءَ) إطلاقه أيضا (لِلمَوْقُوفِ) وهو ما أضيف إلى الصحابى من قول و نحوه (وَالمَقْطُـوعِ) وهو ما أضيف إلى التابعى كذلك (فَهْوَ) أى الحديث (عَلَى هَذَا) القول (مُرادِفُ الْخَبَـرْ) وقيل الحديث ما جاء عن النبى صلى الله تعالى عليه وسلم ، و الخبر ما جاء عن غيره ، و من ثمة قيل لمن يشتغل بالتواريخ و ما شاكلها الإختبارى(1) ، و لمن يشتغل بالسنة النبوية المحدّث ؛ وقيل بينما عموم و خصوص مطلق ، فكل حديث خبر من غير عكس (وَ َشَهَّرُوا أى العلماء (رَدْفَ) أى ترادف (الْحَدِيْثِ) و الخبر (وَ الأَثَـرْ) هذا كما قاله النووى هو المذهب المختار الذى قاله المحدثون و غيرهم من السلف وبعض الخلف ، وقيل الخبر ما يروى عنه صلى الله تعالى عليه وسلم ، و الأثر عن الصحابة ؛ قيل و التابعين و من بعدهم . و قيل الأثر أعم من الحديث والخبر . قال بعضهم : وهو الأظهر ، هذا وما ذكره فى هذه الأبيات السبعة من زياداته على ألفية العراقى . ثم بين أقسام الحديث ، فقال : (وَالأَكْثَرُونَ) من المحدثين (قَسَّمُوا هَذِيْ السُّنَنْ) بضم السين جمع سنة ، وهى لغة : الطريقة ، واصطلاحا : الحديث بالمعنى المتقدم ذكره ، وهو ما أضيف إليه صلى الله تعالى عليه وسلم إلخ . هذا (1) قوله الأخباري : كذا وقع التعبير به لغير واحد , ونقل المصنف عن ابن هشام أنه عده من لحن العلماء وقال الصواب الخبري : أى لأن النسبة الى الجمع ترد إلى الواحد كما تقرر فى علم التصريف لقوله فى الفرائض فرضى ونكتته ان المراد النسبة إلى هذه النوع وخصوصية الجمع ملغاة مع انها مؤدية الى النقل , قال ومن اللحن أيضا قولهم : لايؤخذ العلم صحفى بضمتين والصواب بفتحتين ثم فعل بها ما فعل بحنيفة إنتهى . لكن فى همع الهوامع مانصه وأجاز قوم أن ينسب إلى الجمع على لفظه مطلقا وخرج عليه قول الناس فرائضى وكتبى وقلانسى الخ , وبه يعلم أن جزم ابن هشام بأن ذلك من لحن العلماء ليس بذاك الحسن , كتبه الشارح غفا الله عنه آمين .

الصحيح

14-

حَدُّ الصَّحِيحِ : مُسنَدٌ بِوَصْلِـهِ

بِنَقْلِ عَدْلٍ ضَابِـطٍ عَنْ مِثْلِـهِ

15-

ولَمْ يَكُنْ شَـذًّا وَلا مُعَـلَّـلا

والحُكْمُ بِالصَّحَةِوَالضَّعْفِ عَلَى

_______________________

هو الاصح ( إلى ) ثلثة أقسام ( صحيح وضعيف وحسن ) لأنه إما مقبول أو مردود , والمقبول إما أن يشتمل على أعلى صفاته أو لا , فالأول هو الصحيح , والثانى هو الحسن , والمردود لا يحتاج إلى تقسيمه أذ لا ترجيح بين أفراده , واعترض بأن مراتبه متفاوتة أيضا , فمنه ما يصلح للإعتبار وما لا يصلح , فكان ينبغى الإعتناء بتمييز الأول من غيره . وأجيب بأن الصالح للاعتبار داخل فى قسم المقبول , لأنه من الحسن لغيره , وإن نظر إليه باعتبار ذاته فهو أعلى مراتب الضعيف , وقد تفاوتت مراتب الصحيح أيضا ولم تتنوع أنواعا . ولم يذكر الموضوع , لأنه فى الحقيقة غير حديث اصطلاحا , وبه يعلم أن قول ابن الصلاح كالخطابى عند اهل الحديث من العام (1)الذى أريد به الخصوص : أى الأكثر أو الذى استقر اتفاقهم عليه بعد الإختلاف , وما قيل هذا التقسيم إن كان بالنسبة لما فى نفس الأمر فليس إلا صحسح وكذب , أو للاصطلاح فهو عندهم أكثر من ذلك فجوابه أن المراد الثانى والكل راجع ألى الثلاثة المذكورة , والله أعلم .

الصـحيـح

أى هذا مبحثه : وهو فعيل بمعنى فاعل , من الصحة , وهى حقيقة فى الأجسام , واستعمالها فى غيرها مجاز أواستعارة تبعية , (حد ) الحديث ( الصحيح مسند ) بفتح النون ( بوصله ) أى بالتصال سنده بأن سلم من سقوط فيه , بحيث يكون كل من رواته سمع ذلك المروى من شيخه (بنقل (2) عدل ) أى برواية ثقة ولو أنثى , والمراد بالعدل من له ملكة تحمله على ملازمة التقوى , وهي اجتناب الاعمال السيئة من شرك أو فسق أو ملكة أو بدعة , يقتدر بها على اجتناب غير صغيرة الخسثة والرذائل وملازمة المروءة , وهى تحلق لإنسان بخلق أمثاله (ضابط) لما ينقله ضبط صدر بأن يثبت ما سمعه بحيث يتمكن من استحضاره متى شاء , وضبط كتاب بأن يصونه لديه منذ سمع فيه وصححه إلى أن يؤذى منه , وقوله(عن مثله)متعلق بنقل : أى عن العدل الضابط إلى منتهاه( ولم يكن (3)شذ )أى شاذا (ولا معللا) فخرج بالقيد الأول المنقطع والمعضل , وكذا (1) قوله العام : وهو كلى أستعمل فى جزئ وليس عمومه مرادا , بخلاف العام المخصوص فان عمومه مراد تناولا لا حكما ولذا كان حقيقة , والأول مجازا .

(2) قوله بنقل عدل ضابط : قيل الاخصر أن يقول بنقل الثقة لأنه من جمع العدالة والضبط , والتعاريف تصان عن الامتهان .

(3) قوله شد ولا معللا : ذكر أبو الفتح بن دقيق العيد أن أصحاب الحديث زادو هذين القيدين .

16-

ظاهِرِهِ، لاالقَطْعِ ، إِلاَّ مَاحَوَى

كِتابُ مُسلِمٍ أَوِ الجُعْفِي سِوَى

17- ما انْتَقَدُوا فَابْنُ الصَّلاحِ رَجَّحَا قَطْعًا بِهِ ، وَكَمْ إِمَـامٍ جَنَحَـا

من المرسل عند لا يقبله ، و بالثانى ما نقله مجهول عينا أو حالا ، أو معروف بالضعف . و بالثالث ما نقله مغفل كثير الخطأ ، وبالرابع الشاذ ، وهو لغة المنفرد ، واصطلاح ما يخالف فيه الراوى من هو أرجح منه ، وسيأتى تفسير آخر ، وبالجامس العلل ، وهو لغة ما فيه الراوى علة . واصطلاحا ما فيه علة خفية قادحة . ولم يذكر ولا منكرا ، لأنه أسوأ حالا من الشاذ ، فاشتراط نفى الشذوذ يقتضى اشتراط نفيه بطريق الأولى . وأورد على التعريف المتواتر فإنه صحيح قطعا ولا يشترط فيه مجموع هذه الشروط . قال الحافظ ابن حجر : لكن يمكن أن يقال هل يوجد حديث متواتر لم تجتمع فيه هذه الشروط (1) انتهى (والحُكْمُ) للحديث (بِالصَّحَةِ) كقولهم : هذا حديث صحيح (وَ الضَّعْفِ) كقولهم : هذا حديث ضعيف إنما هو (عَلَى ظاهِرِهِ) فمعنى الأول أنه اتصل سنده مع الأوصاف المذكورة فقبل عملا بظاهر الإسناد . ومعنى الثانى أنه لم يصح إسناده على الشرط المذكور (لاالقَطْعِ) أى لا أنه مقطوع بالصحة فى نفس الأمر لجواز الخطأ والنسيان على الثقة خلافا لمن قال (2) إن خبر الآحاد يوجب القطع ، ولا القطع بأنه كذب فى نفس الأمر ، إذ قد يكون صحيحا لجواز صدق الكاذب و إصابة من هو كثير الخطأ (إِلاَّ مَاحَوَى كِتابُ) أى صحيح الامام (مُسلِمٍ) بن لحجاج (أَوِ) كتاب الامام (الجُعْفِي) أى البخاررى ، أو كلاهما كما علم بالأولى (سِوَى ما انْتَقَـدُوا) أى اعترض النـقاد من الأحاديـث التى فيـهما كالدارقطـنى و غيره ، وعدتـها

فى حد الصحيح قال و فيه نظر على مقتضى نظر الفقهاء فان كثيرا من العلل التى يعلل بها المحدثون لا تجرى على أصول الفقهاء . واجاب عنه الحافظ العراقى بأن من يصنف فى علم الحديث إنما يذكر الحد عند اهله ، لا عند غيرهم من أهل علم آخر ، و كون الفقهاء و الأصوليين لا يشترطون فى الصحيح هذين الشرطين لا يفسد الحد عند من يشترطهما و لذا قال ابن الصلاح بعد الحد فهذا هو الحديث الذى يحكم له بالصحة بلا خلاف . و بين أهل الحديث ، وقد يختلفون فى صحة بعض الأحاديث لإختلافهم فى وجود هذه الأوصاف فيه ، أو لإختلافهم في اشتراط بعضها كما فى المرسل انتهى ، كتبه الشارح عفا الله عنه آمين .

(1) قوله : هذه الشروط ، بقى للصحيح شروط مختلف فيها : منها كون راويه مشهورا بالطلب شهرة زائدة عما يخرجه عن الجهالة ، فقد قال ابن أبى الزناد : أدركت بالمدينة مائة كلهم مأمون ما يؤخذ عنهم الحديث 7 لقال إنه ليس من أهله ، و هذا كما قاله الحافظ يمكن إدخاله فى اشتراط الضبط إذ المقصود بالشهرة بالطلب أن يكون له مزيد اعتـناء بالرواية لتركن النفس إلى كونه ضبط ما روى ، و منها ما ذكره ابن السمعانى أن الصحيح لا يعرف برواية الثقات فقط إنما يعرف بالفهم والمعرفة وكثرة السماع و المذاكرة و غيرهما ، و منها أن أبا حنيفة اشترط فقـه الراوى . قال الحافظ : والظاهر أن ذلك إنما يشترط عند المخالفة أو عند التفرد بما تعم به البلـوى ، كتبـه الشارح عـفا الله عنه آمـين .

(2) قوله لمن قال إلخ : وهم جماعة من المحدثين ، و عزى هذا القول أيضا لأحمد و مالك و الكرابيسى و داود الظاهرى ، و حكى السهيلى عن بعض أصحابنا ذلك لكن بشرط أن يكون فى اسناد امام مثل مالك و أحمد و سفيان و إلا فلا يوجب القطع ، و حكى الشيخ أبو إسحاق فى بعض كتبه من بعض المحدثين ذلك فى حديث مالك عن نافع عن ابن عمر رضى الله عنهما و شبهه اهـ . فَابْنُ الصَّلاحِ رَجَّحَا قَطْعًا بِهِ ، وَكَمْ إِمَـامٍ جَنَحَـا

18-

والنَّوَوِيْ رَجَّحَ فِي التَّقْرِيـبِ

ظَنًّا بِهِ ، وَالقَطْعُ ذُو تَصْوِيبِ

19-

وَلَيْسَ شَرْطًا عَدَدٌ، وَمَنْ شَرَطْ

رِوَايَةَ اثْنَيْنِ فَصَاعِـدًا غَلَـطَ

كما ذكره الحافظ ابن حجر مائتان وعشرون حديثا اشتركا فى اثنين و ثلاثين ، واختص البخارى بثمانين إلا اثنين و مائة . وقد أجاب عن ذلك فى الفتح إجمالا و تفصيلا ، وسيأتى بعض ذلك (فَـ)الامام الحافظ أبو عمرو عثمان (بْنُ الصَّلاحِ) الشهرزورى (رَجَّحَا) فى مقدمته المشهورة (قَطْعًا بِهِ) أى بصحته والعلم حاصل معه لاتفاق الأمة على تلقى ذلك بالقبول . قال خلافا لمن نفى ذلك محتجا بأنه لا يفيد فى أصله إلا الظن و إنما تلقته الأمة بالقبول لأنه يجب عليهم العمل بالظن ، والظن قد يخطىء ، وقد كنت أميل إلى هذا وأحسبه قويا ، ثم بان لى أن المذهب الذى اخترناه أولا هو الصحيح ، لأن ظن من هو معصوم من الخطأ لا يخطىء ، والأمة فى إجماعهم معصومة من الخطأ إلخ (وَكَمْ إِمَـامٍ) من الشافعية كأبى إسحاق و أبى حامد الاسفراينى (2) وابن فورك والقاضى أبى الطيب الطبرى و الشيخ أبى إسحاق الشيرازى ، ومن الحنفية كالسرخسى ، والمالكية كالقاضى عبد الوهاب والحنابلة كأبى يعلى وابن الزاغونى (جَنَحَـا) أى مال إلى مثل ما تقرر عن ابن الصلاح . (و) خالفه الإمام محيى الدين (النَّوَوِيْ) بإسكان الياء رحمه الله تعالى ، فإنه (رَجَّحَ فِي التَّقْرِيـبِ) و غيره (ظَنًّا) فقط (بِهِ) أى صحة ما فى الصحيحين ما لم يتواتر فضلا عما فى أحدهما وحده ، و نقله عن المحققين والأكثرين ، وعلل فى شرح مسلم بأن ذلك شأن الآحاد لا فرق فيه بين الشيخين و غيرهما ثم ذكر أن وجوب العمل بما فى الصحيحين لا يتوقف على النظر فيه بخلاف غيرهما لا يعمل به حتى ينظر ويوجد فيه شروط الصحيح . قال المصنف (وَ) القول الأول ، وهو (القَطْعُ) بالصحة لما فيهما (ذُو تَصْوِيبِ) ولا أعتقد سواه وسبق إلى نحوه العماد ابن كثير ، وكذلك الحافظ ابن حجر فإنه ذكر ما معناه أن نقل النووى عن المحققين لا يسلم له ، و أن الخبر المحتفّ بالقرائن يفيد العلم خلافا لمن أبى ذلك ، وهو أنواع : منها مااتفق (1) الشيخان على إخراجهما مما لم يبلغ التواتر ، فإنه احتف به قرائن منها جلالتهما فى هذا الشأن وهما المتقدمان فى تمييز الصحيح على غيرهما و تلقى العلماء اكتابيهما وهو وحده أقوى فى إفادة العلم من مجرد كثرة الطرق القاصرة عن التواتر فالإجماع حاصل على تسليم صحته ، وما قيل إنما اتفقوا على وجوب العمل فقط لأعلى الصحة ممنوع لاتفاقهم على وجوب العمل بالصحيح وإن لم يكن فى الصحيحين فلم يبق لهما فى هذا مزية مع أن الإجماع حاصل على أن لهما مزية فيما يرجع إلى نفس الصحة ، وهذا كله مختص بغير ما انتقدوه كما تقرر ، وبما لم يقع التجاذب بين مدلوليه حيث لا ترجيح لاستحالة أن يفيد المتناقضان العلم بصدقهما لأحدهما على الآخر ، تأمل (وَلَيْسَ شَرْطًا) فى صحة الحديث (عَدَدٌ) فى راويه ، فإن الحديث الصحيح هو ما وجد له إسناد صحيح ، ولو واحدا فى جميع طبقاته ، فالغريب قد يكون صحيحا ،

(1) قوله منها ما اتفق الخ : ومنها المشهور إذا كانت له طرق سالمة من ضعف الرواة و العلل ، و ممن صرح بـهذا الاسناد أبو منصور البغدادى و ابن فورك و غيرهما . ومنها المسلسل بالأئمة الحفاظ كحديث أحمد مع مشاركة غيره عن الشافعى مع مشاركة غيره عن مالك و هكذا فانه يفيد العلم عند سامعه بالاستدلال من جهة جلالة رواته قال أعنى الحافظ ، وهذه الأنواع التى ذكرناه لا يحصل العلم بصدق الخبر منها إلا للعالم بالحديث المتبحر فيه العارف بأحوال (2) الأظهر الاسفراينيين بالتثـنية كما عبر بـها أبو أشبال احمد شاكر فى تعليقته

20-

والوَقْفُ بالحُكْمٍ لِمَتْنٍ أَوْ سَنَدْ

بِأَنَّـهُ أَصَـحُّ مُطلَـقًا أَسَـدْ

21-

وآخَرُونَ حَكَمُوا فاضْطَرَبُـوا

لِفَوقِ عَشْرٍ ضُمِّنَتْهَا الْكُتُـبُ

هذا قول الجمهور , وهو الصحيح ( ومن شرط ) فى الصحة ( رواية اثنين فصاعدا ) كأبى على الجبائ إذقال : لا يقبل الخبر إذارواه العدل الواحد إلا إذاانضم إليه خبر عدل آخر , وأبى بكر بن العربى حيث قال : كان مذهب البخارى أن الحديث لايقبل حتى يرويه اثنان غير مصيب فيه , فقد رد جمع من المحققين على أبى على وابن العربى بأنه قول لا يؤول عليه , زاد بعضهم : ولقد كان يكفى أبا بكر بن العربى فى بطلان ما ادعى أنه شرط البخارى أول (1) حديث فيه , فإنه تفرد به عمر رضى الله تعالى عنه ثم علقمة عنه به , ثم محمد بن إبراهيم عنه به , ثم يحيى بن سعيد عنه به كما هو الصحيح المعروف عند المحدثين , وقد وردت لهم متابعات لا يعتبر بها , وعلم من ذلك أن اشتراط بعضهم رواية ثلاثة عن ثلاثة وأربعة عن أربعة وخمسة عن خمسة , وسبعة عن سبعة ( غلط ) من قائله , بل الصواب أن رواية الواحد عن الواحد صحيحة إلى النبى صلى الله عليه وسلم , واستدل له البيهقى , بحديث (( نضرالله عبدا سمع مقالتى فوعاها فأداها كما سمعها )) وفى لفظ (( سمع منا حديثا فبلغه غيره )) وبحديث إرساله عليا إلى الموقف بأول سورة براءة , وبحديث استقبال أهل قباء إلى الكعبة فى أثناءالصلاة عند قول ىالآتى الواحد قال الشفعى رضى الله تعالى عنه : فقد تركوا قبلة كانواعليها بخبر واحد ولم ينكر ذلك عليهم صلى الله تعالى عليه وسلم إلى غير ذلك . ثم شرع فى الكلام على أصحية الأسانيد والمتن , فقال : ( والوقف ) أى عدم الجزم ( بالحكم لمتن (2) ) معين ( أو سند ) معين ( بأنه ) متعلق بالحكم ( أصح ) أى أصح المتون أو أصح الأسانيد ( مطلق أسد ) أى أرجح عند جماعة من المحققين خبر قوله والوقف الخ , لأن تفاوت مراتب الصحة مرتب على تمكن الاسناد من شروط الصحة , ويعز وجود درجات القبول فى كل فرد من رجال الأسناد الكائنين فى ترجمة واحدة ( وآخرون ) منهم ( حكموا ) بالأصحية على الإطلاق , إذ يمكن الناظر المتقن ترجيح بعضها على بعض من حيث

بأحوال الرواة المطلع على العلل ، وكون غيره لا يحصل له العلم بصدق ذلك لقصوره عن الأوصاف لا ينفى حصول العلم للمتبحر المذكور ، ومحصل الأنواع الثلاثة : أن الأول مختص بالصحيحين ، والثانى بما له طرق متعددة ، والثالث ما رواه الأئمة ، و يمكن اجتماع الثلاثة فى حديث واحد فلا يبعد القطع بصدقه ، والله أعلم ، كتبه الشارح عفا الله عنه .

(1) قوله أول حديث فيه .. قيل البقاعى : وكذا آخر حديث فيه وهو (( كلمتان خفيفتان على اللسان )) الخ فان أبا هريرة تفرد به عنه صلى الله عليه وسلم و تفرد به عنه أبو زرعة ، و تفرد به عنه عمارة بن القعقاع ، و تفرد به عنه مـحمد بن فضيل ، و عنه أنس فرواه عنه اتشكاب و غيره انتهى ، كتبـه الشارح عفا الله عنـه آمـين .

(2) قوله لمتن : قال الحافظ العلائى لا نحفظ من أحد من أئمة الحديث أنه قال حديث كذا أصح الأحاديث على الاطلاق لأنه لا يلزم من كون الاسناد أصح من غيره أن يكون المتن كذلك فلأجل ذلك ما خاضوا إلا فى الحكم على الاسناد ، لكن قال الحافظ ابن حجر سيأتى أن من لازم قول بعضهم إن أصح الأسانيد ما رواه أحمد الخ أن يكون أصح الأحاديث الحديث الذى رواه أحمد بذلك الاسناد فانه لم يرو فى مسنده به غيره فيكون أصح الأحاديث على رأى من ذهب إلى ذلك ، قال المصنف وقد جزم بذلك العلائى نفسه فى عوالى مالك فقال فى ذلك الحديث المذكور إنه أصح حديث فى الدنيا تدبر ، كتبـه الشارح عفا الله عـنه آمـين .

(2) و فى النسجة التى كتبها جرارد الحنفى الناصرى عن حكم بعن و بلا الف ولام و الأوجه هو الذى فى هذه النسخة لأن المراد بالوقـف هنا عدم الجـزم كما فسره الشارح به لا التـوقف .